سعي إماراتي لشق الصف التونسي
عربي21-

الاتحادنت/متابعات

   بات حديث التونسيين هذه الأيام، عن "حملة إعلامية مصرية إماراتية ممنهجة ومكشوفة لبث الفتنة والفوضى" بتونس تستهدف أساسا البرلمان، مع دعوات للانقلاب وحل البرلمان، والزج بقيادات حركة النهضة بالسجن واعتبارها "تنظيما إخوانيا إرهابيا".

   إعادة الانتخابات وإسقاط الحكومة باتت مطالب الإعلام المصرى الإماراتي المناهض للثورة التونسية؛ تحريض على الفوضى وتمرير تقارير على كامل اليوم تدعو إلى التفرقة تحت مسمى "حراك 14 يونيو".

                                         إعلام القطيع

وترى الباحثة، _حسب عربي 21_ وأستاذة علوم الإعلام والاتصال، بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار بتونس، إيمان الهنشيري في حديث لـ"عربي21" أن "الإمارات تسعى إلى رسم خريطة جيوسياسية جديدة في المنطقة هدفها إعادة التموضع وبناء مصالح مغايرة عبر سلطة الإعلام، متجاوزة حدود اليمن وإيران وقطر وليبيا لتصل إلى تونس، صراع تجسد في محاولة التدخل في استقرار البلاد ومسار بناء ديمقراطيتها الناشئة عبر إعلام موجه ومدعوم إماراتيا".

    وأضافت الباحثة: "في تونس مثلا صرنا اليوم أمام ما بات يعرف بإعلام القطيع الممول اماراتيا، والذي يحرّض على الفوضى والتظاهر، مستعينا بما أسماه الإعلام المصري مؤخرا بأخونة الدولة والثورة على النظام، وغيرها من الشعارات الإعلامية المغرضة والحملات العدائية التي تكشف تدخلا واضحا في قضايا الشأن الوطني التونسي بطريقة متهورة وسافرة".

   ولفتت الهنشيري إلى أن المتابع للإعلام الإماراتي "يلاحظ حشدا وتهويلا كبيرين، عند الحديث عن مسألة نجاح تجربة الحكم في تونس، حتى وإن كانت نسبية لتحول زاوية النظر، من حكم يتحسس أبجديات الديمقراطية، إلى زاوية نظر أخرى مغايرة تدعو إلى ضرب نتائج الصندوق وتغيير الحكم في تونس وانقلاب وشيك وإسقاط الحكومة ولوائح في البرلمان".

     وقالت إن الحملة، تريد تصنيف حركة الإخوان "حركة إرهابية بتناول إعلامي يرصد المتناقضات دون التركيز مثلا على نجاحات القطاع الصحي، في مواجهة جائحة كورونا، أو ما حققته البلاد في مجال الحريات الخاصة والعامة.

     ولفتت إلى أنه "لا يمكن غض الطرف عن الوثيقة المسربة، التي كشفت في السنوات الماضية، والمنسوبة إلى مركز الإمارات للسياسات، تحت عنوان (الاستراتيجية الإماراتية المقترحة تجاه تونس)، لخلق بيئة موالية لها و تعزيز نفوذها، ليس فقط بدعم شخصيات سياسية تونسية وإنما أيضا بصنع إعلام خارجي وداخلي موال لسياسات الإمارات وتوجهاتها، وهو ما جعل منها مشتبها به في محاولة التأثير على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس".

    اتهام عبير موسى بتلقى أموال من الإمارات ورأت الهنشيري أن "المطمئن في الأمر هو أن المواطن التونسي والتركيبة المجتمعية، تتميز عن غيرها من الشعوب العربية الأخرى برغبة جامحة نحو الاستقرار، ورفض أشكال التقسيم والفتن، ومجرد المراهنة على وتر التفرقة والانقسامات، هو كمثل من يقف في الجهة الخطأ لأن تونس بشعبها ومجتمعها المدني وأحزابها وتشريعاتها، ستكون أول ديمقراطية ناشئة في المنطقة العربية، وهي منارة لبداية رحلة جديدة".

   من جانبه انتقد رئيس كتلة حركة النهضة، نور الدين البحيري بشدة، الحملة الإعلامية التحريضة وكتب على صفحته بموقع فيسبوك: "وبعد أن ثبت بالدليل القاطع أن دولا ووسائل إعلام بعضها حكومية أجنبية وراء محاولات إرباك الأوضاع في البلاد وتخريبها.

     نصيحتي لحكام مصر والإمارات أن ادخروا ما تنفقونه من مال وجهد ضد شعبنا لإنقاذ شعبيكم من الفقر والأمية والمرض ولتحرير سيناء وطنب الكبرى والصغرى ولاسترجاع شيء من كرامتكم التي أهدرها الاستعمار".

   من جهته طالب المحامي والسياسي سمير بن عمر، الخارجية التونسية بالتدخل والاحتجاج على المؤامرات الإعلامية الخارجية، وكتب: "التآمر الخارجي على تونس أصبح مكشوفا وفي ظل صمت مطبق من مختلف السلط العمومية: تكالبت الاذرع الإعلامية لبعض الديكتاتوريات وتدخلت بشكل سافر وفاضح في الشأن التونسي ولم يصدر حتى مجرد احتجاج من الخارجية التونسية.. من لا يقدر على حماية مصالح تونس والتصدي لكل من يتدخل في شأنها الداخلي فليلازم بيته".

   وعبر السياسي عصام الشابي، عن رفضه للحملة التحريضية قائلا في تدوينة على صفحته الرسمية: "لم يعد مقبولا و لا مبررا سكوت السلطة العمومية في تونس، على التجاوزات الخطيرة التي يأتيها الإعلام المصري الموجه، من قبل الطغمة العسكرية و الممول إماراتيا في حق تونس و ثورتها".

                                    فشل ذريع

   قال الدكتور والمحلل السياسي نور الدين علوي في تصريح لـ"عربي21" إن " القنوات الإعلامية التي تقف وراء الدعوات هي لمرتزقة تحارب الديمقراطية التونسية، ولكن النتيجة كانت مخيبة لآمالهم فظهر بشكل جلي، فشلهم ووقعت عليهم مصيبة".

     وأكد العلوي أن "الإعلام المصري وخاصة الموالي لعبد الفتاح السيسي، لا يمكن أن يقدم دروسا للشعب التونسي، فالشعب يعيش حالة من الوعي رغم الحملات الإعلامية المعادية ".

    بدوره اعتبر الإعلامي التونسي محمد ضيف الله أن الدعوات والنداءات التي خرجت، للتحريض على إسقاط البرلمان عبر ما يسمى بـ"حراك الأخشيدي"، كانت "هجينة ومشينة، من أبواق إعلامية مصرية وإماراتية للتونسيين لقلب نظام الحكم والتحريض على ثورة، على أول تجربة ديمقراطية، وضد قطب رحى المشهد السياسي في تونس والأكثر شعبية، حركة النهضة".

    وقال ضيف الله لـ"عربي21": "دعوات ونداءات التحريض لم تكتف الأبواق بالتلميح لها، بل مارسته صريحا ولعل أشدّهم افتضاحا المصري المسمى أحمد موسى، الذي خرج على قناة صدى البلد مناديا التونسيين، أن اخرجوا إلى كل الشوارع وكل الأزقة، وهبوا من كل الجهات لإسقاط النظام والبرلمان وحكومة الاخوان، ورئيس الإخوان حسب تعبيره وما لفظ".

    وتابع: "خروج هذا الصويحفي مثل صدمة كبيرة في تونس وخلف ردود فعل قوية، مستنكرة من عدد من السياسيين والمثقفين والإعلاميين والناشطين والمدونين بل ومن المواطنين، فضلا عن تجند قنوات مثل سكاي نيوز والعربية والحدث وليبيا 218 ومواقع كالعين الإماراتي وصفحات مجندة إماراتيا ومصريا اختصاصها الحملات الممنهجة، فهي نفسها شنت حملات على قطر وتركيا والمغرب وتلعب دورا كبيرا في بث الفرقة والتقاتل في ليبيا، بدعمها وتبنيها لمليشيات حفتر، كما أنها خاضت حملات في تونس خلال فترات سابقة".

    وأكد ضيف الله، أن "هذه المرة تجندوا بشكل مثير وصريح، بصورة توحي بأنه تم تحريكهم بقوة من قبل أسيادهم وأولياء نعمتهم الذين ركزوا ثقلهم مع هذا الحراك وتبنوا المشرفين عليه، واعدين إيّاهم بدعم كبير، إعلاميا وماليا ولوجستيا من أجل النجاح في هذه الفرصة الكبرى لإفساد التجربة التونسية، التي استعصت عليهم رغم المحاولات المتكررة، ورصيدهم غير كاف لإسقاط ثورة تونس العصية على تحريضهم وتفتينهم".

متعلقات