علّق مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا على ما حدث في مجلس الأمن مؤخرا بشأن مشروع قرار للتحقيق في تفجيرات السيل الشمالي بقوله: "على اللص القبعة تحترق".
بهذا المثل الروسي الذي يمكن ترجمته إلى العربية بمثل مشابه هو "يكاد المريب أن يقول خذوني" لخص الدبلوماسي الروسي المعني الدقيق لإجهاض الولايات المتحدة، وهي المشتبه به الأول في تفجيرات خطوط نقل الغاز الروسية "السيل الشمالي"، مشروع قرار روسي صيني يدعو إلى تحقيق دولي في هذا العمل التخريبي الكبير الذي يعد بحق "جريمة العصر".
مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة تساءل في معرض تعليقه على وقوف الولايات المتحدة ضد مشروع قرار في مجلس الأمن للتحقيق في هذه الجريمة بالامتناع عن التصويت مع 11 دولة أخرى قائلا: لدي سؤال لمندوب الولايات المتحدة: ماذا وجد في قرارنا "مسبقا"؟ لدينا كما تعلمون مثل يقول: "على اللص القبعة تشتعل فيها النيران!"
روسيا لم تطلب إلا إجراء تحقيق عادل في هذه الجريمة التي تقف وراءها دولة عظمى كما تدل جميع المؤشرات، وذلك لأنها كما صرّح دبلوماسيوها، لديها شكوك جدية ومبررة حول شفافية التحقيقات في السويد وألمانيا وهولندا في تفجيرات السيل الشمالي.
نيبينزيا أوضح أيضا طبيعة ما يجري بقوله إن الغرب كلما ظهرت المزيد من المعلومات حول تورط واشنطن المحتمل في تفجيرات خطوط أنابيب الغاز، أعاق أكثر إجراء تحقيق مستقل.
حين تحاول الولايات المتحدة إلصاق تهمة بأحد خصومها تلجأ إلى مجلس الأمن وإلى محكمة الجنايات الدولية، تحشد حلفاءها وتقرع طبول إعلامها وتطالب بالتحقيق.
وحين يطالب أحد ما التحقيق في جريمة كبرى مثلما حدث لخطوط نقل الغاز الروسية البحرية، تدير واشنطن ظهرها لتمر الجريمة دون عقاب وتموت العدالة قهرا.
هذا الاستهتار الأمريكي السافر بالقانون الدولي وإصرارها فقط على أن يكون سيفا مسلطا على خصومها، ظهر بشكل جلي في عام 2018 حين قررت المحكمة الجنائية الدولية فجأة التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها الجنود الأمريكيون، وكذلك حلفاؤهم، بما في ذلك إسرائيل.
في تلك المناسبة قال الأمريكيون إنهم لا يعترفون بأي محكمة جنائية دولية، وأن هذه الهيئة القضائية الدولية جثة هامدة منذ مدة طويلة.
المحكمة الجنائية الدولية لم تتوقف في تلك المناسبة، فأعلن الأمريكيون بعنجهية أنه إذا تم القبض حتى على جندي أمريكي واحد من قبل هذه المحكمة، فسيتم استخدام القوة العسكرية لإطلاق سراحه.
لم يتوقفوا عند هذا الحد بل قاموا بفرض عقوبات على الفور على المحكمة الجنائية الدولية، وتم منع جميع الشركات والمنظمات الخاضعة للأمريكيين منعا باتا من أي تعاون معها. بهذه الطريقة يفرغون القانون الدولي ومؤسساته من أي قيمة ويحولونه إلى أداة خاصة بهم لإرهاب كل من يقف ضدهم.
أما بالنسبة لمجلس الأمن فقد تحدث أمامه في اجتماع خاص وزير الخارجية الأمريكي كولن بأول في عام 2003 ، ولوح بما زعم انها أدلة على وجود أسلحة دمار شامل في العراق..
مجلس الأمن الدولي لم يصدق تلك المزاعم ولم يأذن باستخدام القوة، إلا أن الكونغرس الأمريكي، الذي أعجب بـ "الأدلة" التي تلقاها، أذن باستخدام القوات المسلحة الأمريكية ضد العراق.
بدأت عملية غزو العراق المدمرة، ولم يمر عام واحد حتى اعترف باول نفسه بأن المعلومات التي نشرها كانت غير دقيقة وفي بعض الحالات مزورة!
الهجوم الإرهابي على خطوط أنابيب "السيل الشمالي" وقع في 26 سبتمبر من العام الماضي. نتيجة للانفجارات بالقرب من جزيرة "بورنهولم" الدنماركية في بحر البلطيق، تضررت ثلاثة من فروع خطوط الأنابيب الأربعة.
الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبة وزير الخارجية فيكتوريا نولاند تحدثا في عام 2021 عن إمكانية تدمير خط أنابيب نقل الغاز، واعتبرت واشنطن "السيل الشمالي" تهديدا لاستقلال الطاقة في أوروبا، فيما أكدت روسيا أن الولايات المتحدة من خلال محاولاتها منع بناء خطوط أنابيب الغاز، تشارك في منافسة غير عادلة من أجل بيع الغاز المسال الخاص بها إلى الاتحاد الأوروبي بتكلفة أعلى.
الصحفي الأمريكي، سيمور هيرش نقل في فبراير الماضي عن مصادر، أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية كانت وراء تخريب خطوط أنابيب الغاز، وأن العملية تم التخطيط لها منذ عام 2021، والأمر بالتنفيذ خرج من بايدن نفسه.
هيرش كشف عن معلومات تؤكد أن قنابل أنبوبية وضعت في صيف عام 2022 تحت غطاء مناورات للناتو في المنطقة، وأن الانفجار جرى عن بعد بمساعدة عوامة بحرية أسقطتها طائرة استطلاع نرويجية فوق موقع الهجوم الإرهابي، فيما صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه يتفق تماما مع استنتاجات الصحفي الأمريكي.
المصدر: RT