المركزية العاجزة… لماذا تصر المحافظات على البقاء في دائرة الفشل؟
الإتحاد نت

 

صالح الحنشي

 

في واقع الدولة اليمنية اليوم، لا تزال المركزية تمارس سلطتها وكأنها المرجع الوحيد لكل صغيرة وكبيرة. قيادة الدولة المركزية، المفترض أن تكون في خدمة الناس، تحوّلت إلى قوقعة مغلقة، يصعب الوصول إليها إلا بعد شهور من التوسّلات، أو سفريات خارجية شاقة، أو عبر وساطات عائلية وقبلية… وكل ذلك من أجل حل مشكلة بسيطة في محافظة بعيدة.

 

اليوم، إذا أرادت قيادة محافظة أن تطرح قضية خدمية أو مطلب إداري، فعليها أن تنتظر عامًا كاملًا لتتمكن من لقاء القيادة المركزية – إن تم اللقاء أصلًا – وبعد كل هذا العناء، غالبًا ما يكون الرد: سنعمل على دراسة الموضوع. والمشكلة تبقى، بل تتضاعف.

 

وسط هذا الفشل، يحق لنا أن نتساءل:

ما الذي يُبقي المحافظات متمسكة بهذه المركزية؟

 

هل هو الوفاء لفكرة “الدولة الواحدة”؟

أم هو الخوف من المجهول؟

أم أن الناس ما زالوا “محترمين” أكثر من اللازم؟

 

الأكثر ألمًا أن من بيدهم السلطة الآن، يتقاسمون المناصب والامتيازات في فنادق الخارج، ويمنحون الوظائف لأبناء جماعتهم، بينما المحافظات تغرق في المعاناة. لا مشاريع، لا خدمات، ولا حتى وجود معنوي للدولة.

 

من يُريد أن يحكم الناس، يجب أن يكون بينهم، لا أن يختفي عامًا كاملًا في الخارج، ولا يعرف الناس عنه إلا عبر أبناء عمومته، أو صور على مواقع التواصل.

 

ومن يبحث عن حلول لمشاكل منطقته، بعيدًا عن المركزية العاجزة، يُتهم بالانفصال أو التآمر أو “عدم الإيمان باليمن الكبير”.

لكن الحقيقة أن من خان اليمن هم أولئك الذين تخلّوا عن مسؤولياتهم، وأداروا ظهورهم لمعاناة الناس، بينما يحتكرون القرار والسلطة والثروة.

 

الخلاصة واضحة:

إما دولة اتحادية بصلاحيات حقيقية للمحافظات، تُمكنها من إدارة شؤونها بكرامة…

أو أن تتجه كل محافظة لتنظيم نفسها، وصون حقوقها، بعيدًا عن مركز أضاع الجميع.

 

الاحترام الزائد أحيانًا يتحول إلى عبء، عندما يكون في غير محله.

وقد آن الأوان أن تُعيد المحافظات التفكير في موقعها ضمن هذه الدولة.

متعلقات