تحليل سياسي – خاص:
لا جديد يُذكر ولا قديم يُنسى.
بهذه العبارة يمكن تلخيص اللقاء الذي جمع سفير اليمن في القاهرة خالد محفوظ بحاح بمساعد وزير الخارجية المصري للشؤون القنصلية السفير تامر المليجي.
فالملفات الساخنة التي طُرحت على الطاولة – من تجاوزات الاعتقال والترحيل بحق يمنيين، إلى قضايا العالقين في غزة، إلى معاناة طلاب الزمالة الطبية – هي نفسها التي تم بحثها في لقاءات سابقة ولم تجد طريقها إلى الحل.
ورغم صياغة البيانات بعبارات الترحيب والتعاطف والدعم التقليدي، إلا أن الواقع الميداني يشي بشيء آخر:
اليمنيون في مصر يواجهون حملات توقيف تعسفية بتهم حيازة العملة، يصادرون، يُرحّلون، تُنتهك حقوقهم رغم أحكام البراءة، فيما طلاب الطب اليمنيون تتعطل مسيرتهم لسنوات بسبب تعقيدات إدارية وأمنية بلا مبرر واضح، والعالقون في غزة يذبلون بين وعود متكررة لا تنفذ.
المفارقة الفاضحة أن هذه الانتهاكات تحصل في بلد يُعلن رسميًا “دعمه للشعب اليمني”، فيما الواقع يشهد على ممارسات تنتهك أبسط الحقوق القانونية للإنسان.
والأخطر أن الخطاب الدبلوماسي اليمني نفسه بات متماهياً مع هذه الحالة؛ إذ يكتفي السفير اليمني بسرد قائمة الشكاوى والانتهاكات، دون أن يحمل في يده أي أوراق ضغط حقيقية، أو حتى يلوّح بإجراءات تحمي الجالية من التلاعب أو الإهمال.
أزمة مركبة:
ما يجري لا يعكس فقط عجز البعثة الدبلوماسية اليمنية عن تحصيل حقوق مواطنيها، بل يكشف عن عمق الخلل في أولوياتها، حيث يبدو الحفاظ على الإيقاع الودي مع السلطات المضيفة أكثر أهمية من إنقاذ مصالح الجالية المنهكة.
كما يظهر اللقاء الأخير مدى هشاشة الحضور السياسي والدبلوماسي لليمن في الخارج، مع غياب كامل لأي أدوات ضغط قانونية أو إعلامية يمكن أن تفرض احترام حقوق اليمنيين الذين يواجهون اليوم مصيراً مبهماً بين قرارات ترحيل تعسفي، وعراقيل تعليمية قاتلة، وأحكام إعدام باردة تنتظر تخفيفها على وقع الانتظار الطويل.
وأخيراً
المشكلة لم تعد في حجم المعاناة التي يواجهها اليمنيون في مصر، بل في حجم القبول بهذه المعاناة كأمر واقع.
وبينما تدور عجلة اللقاءات الدبلوماسية التقليدية بلا نتيجة، يدفع المواطن البسيط الثمن وحده: من عمره، وحريته، ومستقبله.
أما البيانات الدافئة… فمكانها الوحيد هو أرشيف المجاملات، لا واقع الجالية