كتب: فارس العدني
منذ فجر الاستقلال وحتى هذا اليوم، كانت أبين حاضرةً في ميادين الدفاع عن الوطن، تُقدّم أبناءها شهداء وأبطالاً، دون أن تنتظر جزاءً أو شكوراً.
في عدن وحدها، سال دم أبين غزيراً:
آلاف من أبناء أبين حملوا السلاح دفاعًا عن المدينة، وارتقى المئات منهم شهداء في المعارك ضد الإرهاب والانقلاب والفوضى.
منهم من سقط في التفجيرات الإرهابية الغادرة أمام منزل القائد عبدالله الصبيحي، ومنهم من استشهد في تفجير معسكر عمر المختار، وغيرهم في جبهات كريتر ودار سعد والمنصورة وخور مكسروصلاح الدين والبريقاء
كل هؤلاء وقفوا في الصف الأول عندما تراجع الآخرون أو راوغوا أو راقبوا المشهد من بعيد. وقالوا حينها الحرب لا تعنينا
ومع ذلك، ما الذي جناه أبناء أبين؟
جحود… تهميش… إقصاء… وتوزيع للتهم بدل الاعتراف بالتضحيات.
أسَر الشهداء في أبين منسية، جرحى المعارك مهملون، ومقاتلوها مبعدين عن مفاصل الدولة، رغم أنهم هم من ثبتوا الدولة يوم ترنحت، وهم من وقفوا حيث هرب غيرهم.
لم تبكِ عليهم وسائل الإعلام، ولم تفتح لهم الأبواب كما تُفتح لغيرهم، ولم يُنصب على جراحهم صراخ سياسي ولا مزايدة.
لكن أبناء أبين لم ولن يمنّوا بتضحياتهم، فهم يعرفون أن الشموخ لا يُشترى، وأن الكبرياء لا يُتسول به أمام موائد السياسة.
أبين مصنع الرجال والزعامات، وكلما غابت، حلّ الفراغ، واتسع الظلم، وسادت الفوضى.
وهذه ليست دعوى مناطقية، بل حقائق يخطها التاريخ بدماء رجالها ودموع ثكلاها.
وإذا كانت أبين تُقصى اليوم، فإن الوطن كله سيدفع الثمن غدًا.