فارس العدني
لأعوام طويلة، صُوِّر اليمن للعالم على أنه مجتمع قبلي مسلح لا يمكن إخضاعه، وأن البنادق جزء من الهوية والكرامة، لكن الوقائع نسفت هذه الصورة. مشهد مسلح حوثي بوزرته وكلاشنكوفه، ومعه بضعة مقاتلين من اتباعه، يقتحم قرية كاملة، ويقتل أو يهدم، فيما الرجال غائبون والنساء يتصدرن المواجهة، يكشف أن السلاح لم يعد وسيلة دفاع، بل قطعة ديكور تتآكل صدأً في جدران البيوت.
المناطق الزيدية، التي طالما اعتُبرت مركز الثقل القبلي، سلّمت للحوثي بلا قتال، وبإيعاز مباشر من علي عبدالله صالح، ضمن صفقة سلّمت الوطن لمليشيا أقلية لا تتجاوز 5% من السكان، لكنها استطاعت أن تملأ ميدان السبعين بيوم واحد بأكثر مما جمعه صالح في عز سلطته.
في المقابل، عدن والجنوب وتعز وتهامه وقفت في وجه الحوثي، ودافعت عن أرضها، بينما المشايخ والوجاهات في الشمال اكتفوا بالجلوس على مقاعد المتفرجين أو بالتواطؤ الصامت. هذه ليست خيانة فقط، بل إعلان موت لدور القبيلة كحارس للكرامة والأرض.
واليوم، المعركة لم تعد بيد اليمنيين، الحكومة الشرعية رهينة الضوء الأخضر الأمريكي والغربي، وأي تحرك عسكري مرهون بحسابات العواصم الكبرى لا بقرارات صنعاء أو عدن أو مأرب. لكن، ورغم كل ذلك، لا يزال الأمل قائمًا في أن يكون 2025 بداية انتفاضة حقيقية، تعيد للسلاح دوره، وللقبيلة مكانتها، وللوطن كرامته، بعيدًا عن صفقات الماضي وضوء الآخرين الأخضر.