المنح الدراسية بين كرم الإمارات ومناطقية الانتقالي

فارس العدني

 

لا يختلف اثنان على أن دعم الأشقاء في الإمارات للجنوب يعد لفتة كريمة تستحق التقدير، خصوصاً عندما يأتي في صورة منح دراسية تفتح أمام الشباب أبواب الأمل والمعرفة. لكن، المعضلة الحقيقية تبدأ عندما تتحول هذه المبادرات الإنسانية إلى أداة للصراع المناطقي وتغذية الولاءات الضيقة، كما حدث مؤخراً في ملف المنح الدراسية التي وزّعها المجلس الانتقالي.

 

المجلس الانتقالي يرفع شعار تمثيل الجنوب بكل مكوناته ومحافظاته، غير أن الممارسة تكشف عكس ذلك. ففي توزيع 100 منحة دراسية مقدّمة من الإمارات، استحوذ أبناء الضالع على ثلاثة أرباعها تقريباً، فيما حُرمت محافظات عدن، أبين، لحج، شبوة، حضرموت، المهرة، وسقطرى من نصيب عادل يتناسب مع حجمها السكاني ودورها الوطني. هذا التوزيع لم يكن مجرد خلل إداري، بل هو انعكاس لعقلية مناطقية ضيقة تحصر الجنوب في مربع جغرافي محدود.

 

الإمارات أرادت بهذه المنح أن تقدم نعمة لشباب الجنوب، لكن سوء التصرف حوّلها إلى نقمة. فبدلاً من أن تكون هذه البادرة جسراً لتعزيز الانتماء الوطني الجنوبي الجامع، أصبحت وسيلة لتعميق الشروخ الداخلية وتعزيز شعور التهميش لدى أبناء عدن وحضرموت وأبين وشبوة والمهرة.

 

يمكن هنا مقارنة سلوك الانتقالي بما يفعله طارق صالح مع أنصاره. فالأخير يحرص – على الأقل – على توزيع ما يتوفر لديه من فرص بشكل متوازن لتفادي إثارة التذمر داخل قاعدته. أما الانتقالي، فقد غلبت عليه النزعة القروية الصرفة، حتى وهو يتحدث باسم “الجنوب كله”. والنتيجة: عزلة متزايدة بين قياداته وبقية المكونات الجنوبية.

 

إذا كان الانتقالي يصر على أنه الممثل الوحيد للجنوب، فعليه أن يترجم ذلك بالأفعال لا بالشعارات. وأول اختبار لذلك هو العدالة في توزيع الموارد والمنح. فالمناطقية لا تبني دولة، والجنوب ليس منطقة فحسب ، بل فسيفساء من عدن إلى سقطرى.

متعلقات