كرة القدم اليمنية بين غياب الدولة وحضور الرجال
الإتحاد نت

فارس العدني

 

لم يتجاوز حضور الدولة في إنجاز منتخبنا الوطني للشباب سوى كلمات التهاني التي بعث بها رئيس الجمهورية الدكتور رشاد العليمي ووزير الشباب والرياضة نايف البكري عقب تأهله إلى نهائي كأس الخليج على حساب عمان. تهانٍ جاءت متأخرة، بينما لم يقدّم المسؤولون أي ريال واحد لدعم المنتخب أو غيره من المنتخبات الوطنية خلال معسكراتهم الداخلية. بل إن سفر اللاعبين إلى السعودية تم عبر الحافلات بدلًا من تذاكر الطيران، ما جعلهم يقضون أيامًا طويلة في الطريق، ويواجهون مشقة وعناء لا يعلم بهما إلا الله.

 

في المقابل، تُحسب كل النجاحات الرياضية الأخيرة لقيادة الاتحاد اليمني لكرة القدم، ممثلة بالشيخ أحمد العيسي، الذي حرص – رغم الانقسام السياسي والعسكري في البلاد – على الحفاظ على وحدة الرياضة اليمنية وإبقاء المنتخب إطارًا جامعًا للشباب. ولو لم يكن هذا الحرص، لما سمعنا بشيء اسمه “منتخب اليمن” في ظل انقسام صنعاء وعدن والواقع الميداني.

 

ما فعله العيسي يتجاوز حدود الرياضة، إذ أعاد من خلالها الاعتبار لفكرة الوحدة الوطنية وحافظ على تطلعات الشباب، مقدّمًا الرياضة كمساحة مشتركة يمكن أن يتوحد فيها اليمنيون بعيدًا عن صراعات السياسة والحرب.

 

وليس بعيدًا عن هذا المشهد، يبرز دور قيادات من محافظة أبين الذين جسّدوا مفهوم رجال الدولة في ظروف الانقسام. فالكابتن أحمد العلواني، المدير السابق لشركة طيران اليمنية، حافظ على وحدة المؤسسة وسخرها لخدمة كل اليمنيين، بعيدًا عن التجاذبات، حتى سلّمها قبل ثلاثة أعوام بأسطول متوسع وخزينة عامرة.

وكذلك الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي ظل حتى آخر يوم له في السلطة متمسكًا بمشروع اليمن الاتحادي العادل، رافضًا كل الإملاءات والمغريات، ليؤكد أن مشروعه كان وطنيًا جامعًا.

 

الرياضة اليمنية اليوم ليست ثمرة دعم رسمي ولا نتيجة اهتمام حكومي، بل هي ثمرة جهود شخصيات آمنت بالوطن وراهنت على شبابه. ومن هنا، فإن الفضل لا ينبغي أن يُنسب لمن يكتفي بالتصفيق والتهاني من بعيد، بل لمن صنع الفارق بالفعل ووقف في وجه الانقسام والتحديات، وحافظ على خيط رفيع يجمع اليمنيين تحت راية واحدة.

متعلقات