فارس العدني
الضربة التي استهدفت اجتماع حركة حماس في قطر، وبعلم الولايات المتحدة الأمريكية، فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات كبرى حول جدوى وجود القواعد الأمريكية في الخليج، وفي مقدمتها قاعدة العديد في الدوحة. فمنذ سنوات تحتضن قطر وفود حماس بصفة معلنة، كجزء من دورها كوسيط يسعى لإيجاد تسويات سياسية للصراع الفلسطيني، وهو ما يجري بمعرفة القوى الكبرى، وفي مقدمتها واشنطن. لكن ما حدث مؤخرًا كشف وجهًا آخر للمعادلة.
المفترض أن وجود القواعد الأمريكية في الخليج جاء تحت مبرر الحماية والاستقرار. غير أن الواقع يثبت أن هذه القواعد لم تُستخدم للدفاع عن الدولة المضيفة، بل باتت منصات تُضرب لوجودها أو لإسناد ضربات موجهة ضدها. إن ما جرى مع قطر مثال صارخ على أن هذه القواعد قد تتحول من حليف استراتيجي إلى أداة تهديد مباشر، وهو ما يطرح سؤالًا جوهريًا:
ما قيمة هذه القواعد إذا كانت لا تحمي، بل تسهّل العدوان؟
ما حدث ليس شأناً قطريًا فحسب، بل رسالة موجهة إلى كل دول الخليج والعالم العربي. فالوجود العسكري الأمريكي، الذي كان يُقدَّم بوصفه ضمانة للاستقرار، أصبح سيفًا مسلطًا يمكن أن يُستخدم ضد الشركاء أنفسهم. وهذه الحقيقة تفرض على دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية مراجعة جذرية لمواقفها وخياراتها الأمنية.
إن الرد المنطقي على مثل هذا التطور لا يكون بمجرد بيانات تنديد، بل بالانتقال إلى مشروع عربي جاد لتشكيل تحالف اقتصادي وعسكري جديد، يعكس إدراك الأمة العربية لما يُحاك ضدها، ويؤكد أن العرب قادرون على حماية مصالحهم في عالم تسوده “شريعة الغاب”.
الوحدة ليست ترفًا سياسيًا، بل ضرورة وجودية، إذا ما أراد العرب أن يكتبوا مستقبلهم بأيديهم، لا بأيدي الآخرين.
لقد تحولت القواعد الأمريكية في الخليج من عنوان حماية إلى عنوان تهديد. والضربة الأخيرة تمثل إنذارًا صريحًا بأن الاعتماد على القوى الأجنبية لن يجلب أمنًا ولا استقرارًا. آن الأوان لولادة مشروع عربي بديل، يوازن المعادلة ويضع للعالم حدًا فاصلًا العرب يفهمون، والعرب قادرون، والعرب حاضرون للدفاع عن أنفسهم.